responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 104
[الروم: 30] وقال: مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ [الروم: 31] الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ يُفْهَمُ مِنْهُ الْحَصْرُ وَقَدْ قَالَ فِي أَوَّلِ سورة البقرة: وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [البقرة: 5] إِشَارَةٌ إِلَى مَنْ أَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ، وَآمَنَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِهِ وَبِمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِهِ وَبِالْآخِرَةِ، فَلَوْ كَانَ الْمُفْلِحُ مُنْحَصِرًا فِي أُولَئِكَ الْمَذْكُورِينَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَهَذَا خَارِجٌ عَنْهُمْ فَكَيْفَ يَكُونُ مُفْلِحًا؟ فَنَقُولُ هَذَا هُوَ ذَاكَ لِأَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ قَوْلَهُ: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ مُتَّصِلٌ بِهَذَا الْكَلَامِ فَإِذَا أَتَى بِالصَّلَاةِ وَآتَى الْمَالَ وَأَرَادَ وَجْهَ اللَّهِ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ مُقِيمٌ لِلصَّلَاةِ مُؤْتٍ لِلزَّكَاةِ مُعْتَرِفٌ بِالْآخِرَةِ فَصَارَ مِثْلَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَقَرَةِ. ثم قال تعالى:

[سورة الروم (30) : آية 39]
وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39)
ذَكَرَ هَذَا تَحْرِيضًا يَعْنِي أَنَّكُمْ إِذَا طُلِبَ مِنْكُمْ وَاحِدٌ باثنين ترغبون فيه وتؤتونه وذلك لا يربوا عند الله والزكاة ننمو عِنْدَ اللَّهِ كَمَا
أَخْبَرَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «إِنَّ الصَّدَقَةَ تَقَعُ فِي يَدِ الرَّحْمَنِ فتربوا حَتَّى تَصِيرَ مِثْلَ الْجَبَلِ»
فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إِقْدَامُكُمْ عَلَى الزَّكَاةِ أَكْثَرَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ أَيْ أُولَئِكَ ذَوُو الْأَضْعَافِ كَالْمُوسِرِ لذي اليسار وأقل ذَلِكَ عَشَرَةُ أَضْعَافٍ كُلٌّ مَثَلٌ لِمَا آتَى فِي كَوْنِهِ حَسَنَةً لَا فِي الْمِقْدَارِ فَلَا يُفْهَمُ أَنَّ مَنْ أَعْطَى رَغِيفًا يُعْطِيهِ اللَّهُ عَشَرَةَ أَرْغِفَةٍ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ مَا يَقْتَضِيهِ فِعْلُهُ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى وَجْهِ الرَّحْمَةِ يُضَاعِفُهُ اللَّهُ عَشَرَةَ مَرَّاتٍ عَلَى وَجْهِ التَّفَضُّلِ، فَبِالرَّغِيفِ الْوَاحِدِ يَكُونُ لَهُ قَصْرٌ فِي الْجَنَّةِ فِيهِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ثَوَابًا/ نَظَرًا إِلَى الرَّحْمَةِ، وَعَشْرُ قُصُورٍ مِثْلِهِ نَظَرًا إِلَى الْفَضْلِ. مِثَالُهُ فِي الشَّاهِدِ، مَلِكٌ عَظِيمٌ قَبِلَ مِنْ عَبْدِهِ هَدِيَّةً قِيمَتُهَا دِرْهَمٌ لَوْ عَوَّضَهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ لَا يَكُونُ كَرَمًا، بَلْ إِذَا جَرَتْ عَادَتُهُ بِأَنَّهُ يُعْطِي عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ أَلْفًا، فَإِذَا أَعْطَى لَهُ عَشَرَةَ آلَافٍ فَقَدْ ضَاعَفَ لَهُ الثواب. ثم قال تعالى:

[سورة الروم (30) : آية 40]
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40)
قَوْلُهُ تَعَالَى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ أَيْ أَوْجَدَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ أَيْ أَبْقَاكُمْ، فَإِنَّ الْعَرَضَ مَخْلُوقٌ وَلَيْسَ بِمُبَقًى ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ جَمَعَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بَيْنَ إِثْبَاتِ الْأَصْلَيْنِ الْحَشْرِ وَالتَّوْحِيدِ، أَمَّا الْحَشْرُ فَبِقَوْلِهِ: ثُمَّ يُحْيِيكُمْ وَالدَّلِيلُ قُدْرَتُهُ عَلَى الْخَلْقِ ابْتِدَاءً، وَأَمَّا التَّوْحِيدُ فَبِقَوْلِهِ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ فَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ أَيْ سَبِّحُوهُ تَسْبِيحًا أَيْ نَزِّهُوهُ وَلَا تَصِفُوهُ بِالْإِشْرَاكِ، وَقَوْلُهُ: وَتَعالى أَيْ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَهَذَا لِأَنَّ مَنْ لَا يَتَّصِفُ بِشَيْءٍ قَدْ يَجُوزُ عَلَيْهِ فَإِذَا قَالَ سَبِّحُوهُ أَيْ لَا تَصِفُوهُ بِالْإِشْرَاكِ، وَإِذَا قَالَ وَتَعَالَى فَكَأَنَّهُ قال ولا يجوز عليه ذلك. ثم إنه تعالى قال:

[سورة الروم (30) : آية 41]
ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 104
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست